بكل فخر و إعتزاز تعلن المحافظة السامية للأمازيغية (HCA) عن الاحتفال بالذكرى الـ 29 لتأسيسها والمصادف لـ 27 ماي من كل سنة، حيث يُعبر هذا الموعد عن ما يقارب ثلاثة عقود من الجهود و التفاني والمساهمات الكبيرة في إعادة الاعتبار و ترقية اللغة والثقافة الأمازيغية في الجزائر بمختلف تنوعها اللسانية المتداولة، و ببعدها الوطني كوعاء جامع. 

فمنذ تأسيسها في ظروف تاريخية استثنائية في عام 1995، تمكنت مؤسستنا من ترسيخ مكانتها كهيئة فاعلة، تجسد من خلالها الإبداع والتميز في خدمة التراث اللغوي والثقافي الوطني باعتبارهما رصيدا مشتركا لجميع الجزائريين.

من خلال الاحتفال بهذه الذكرى، لا نستذكر مسارنا الغني فحسب، بل أيضًا التزام وإنجازات جميع الذين ساهموا في هذا المكسب المؤسساتي العريق، إذ تحققت مكتسبات ومساهمات كبيرة على أكثر من صعيد، على غرار تكريس دستورية اللغة الأمازيغية و الاعتراف الرسمي بعيد رأس السنة الأمازيغية، مدعوما بتأسيس عملية تعميم استخدام اللغة الأمازيغية في أنظمة التعليم و التكوين و  الاتصال وتطوير المقروئية و ترقية الفنون المختلفة باللغة الأمازيغية، إلخ، مما يوضح جليا مهمتنا التي كرسها مرسوم الإنشاء رقم 147-95 المؤرخ 27 مايو 1995.

ومع ذلك، فإننا ندرك أنه لا يزال هناك الكثير مما ينبغي عمله وإتقانه. ونحن مصممون على مواصلة جهودنا بطاقة متجددة لضمان مستقبل مزدهر للغة والثقافة الأمازيغية في الجزائر، بأبعادها الوطنية.

إن استحضار الذكرى السنوية الـ 29 هو أكثر من مجرد احتفال، بل هي فرصة لتجديد التزام الدولة بترقية اللغة والثقافة الأمازيغية وتعزيزهما، وهي سانحة أيضا لنا لاستشراف المستقبل، من خلال النظر في تحديات جديدة ومشاريع طموحة من شأنها أن تستمر في تعزيز مكتسبات الأمازيغية في الجزائر، مع ضمان تقوية تماسك المجتمع والوحدة الوطنية، لأن الأمازيغية مرتبطة ارتباطا وثيقا وتاريخيا بحب الوطن، وتجدر الإشارة إلى أن المحافظة السامية للأمازيغية، كمؤسسة ذات بعد وطني، تمثل جميع المتغيرات اللسانية في كل ربوع الوطن، تلعب دورًا رائدًا و توجيهيا مستنيرا  بمختلف قضايا ذات الصلة بالأمن الهوياتي في بلادنا.

إننا نضطلع إلى مواصلة تقديم كل المجهودات و المساهمات العلمية و التربوية التي من شأنها تكريس الازدهار لغويا و ثقافيا وفنيا للغة الأمازيغية مع الحفاظ على قيمّنا التأسيسية المتمثلة أساسا في التمسك بالوحدة الوطنية والسلامة الترابية لبلادنا و الدفاع عن كل رموز الأمة الجزائرية.